logo
×


الرهاب الاجتماعي

الرهاب الاجتماعي : عبارة عن خوف يظهر عند القيام بالحديث أمام الآخرين أو القيام بأمرٍ ما لما يكون محطّ أنظارهم . ويحصل الخوف بسبب الخوف من النقد أو التقويم الاجتماعي للفرد .

والحقيقة أنَّ الرهاب يعتبر واحداً من أهم الاضطرابات النفسية وأكثرها شيوعاً في المجتمات العربية الحديثة ، ويعتبر كذلك أهم مظاهر النكوص والابتعاد عن المحيط المجتمعي ، ويسبب كثيراً من العقبات والعوائق لكثيرين خلال مسيرة حياتهم .

تبدأ حالة الرهاب هذه عادةً منذ سنوات الطفولة المبكرة ، وقد وجدت دراسات أنه يبدأ ما قبل المدرسة على شكل خوف من الغرباء ، ويظهر كذلك في سن المراهقة بكثرة ، بينما يندر الإصابة به بعد الخامسة والعشرين من العمر .

  • أسبابه :

له أسباب من أهمها العزلة فهي تعتبر سبباً من أسبابه وعاملاً من عوامل تدعيمه ، ومنها الحماية الزائدة من الوالدين ، والقسوة أيضاً الزائدة منهما ، وهما سببان رئيسيان في الإصابة به ! يقول الدكتور عبد الله السبيعي : ( ومن الأسباب الشائعة للرهاب الاجتماعي في الأطفال الحماية الزائدة مِن قِبَل الأبوين مما يحرم الطفل من فرصة توكيد ذاته مع أقرانه وتعلُّم المهارات الاجتماعية المناسبة لسنِّه . لذلك يكتفي الطفل بالنظر إلى أقرانه يلعبون ويلهون ويتعاركون ويتبادلون السيطرة والكر والفر وهو خارج اللعبة الاجتماعية هذه مما يشعره بالنقص والدونية . عندما يكبر هذا الطفل قليلاً يشعر بأنه مختلف ولا يملك قدرات الأطفال الآخرين على فرض احترامه والدفاع عن نفسه . هؤلاء الأطفال أشبه ما يكونون بنبات الظل الذي اعتاد جواً مكيَّفاً وأصبح غير قادر على العيش في الحياة الحقيقية خارج إطار بيئته الزجاجية التي تحميه الحر والبرد والجفاف .

وعلى النقيض من ذلك فعندما يتعرض الطفل مِن قِبَل رموز السلطة في بيئة منزله أو مدرسته لتعامل مستمر يتَّسِم بالقسوة والإهمال والتجريح والإهانة فإنه يستبطن هذه الأمور عن نفسه ويقبلها دون نقاش فيشعر بالدونية والنقص والنقد اللاذع للذات ، ذلك يجعله يتوقع التقويم السلبي لأي عمل يقوم به فيكون أول الرافضين لنجاحه وأقسى الناقدين لنفسه ) .

ويرى آدلر أن من أسبابه أيضاً ( الشعور بالنقص الذي سببه أساليب الأسرة الخاطئة وهي التي تُشْعِر الطفل بعجزه وضعفه وتُنمِّي مشاعر النقص والقلق وضعف الثقة بالنفس عنده ، ومن ثم الفشل مع أي تفاعل اجتماعي ) .

وكذلك كبت الابن من الحديث وإبداء رأيه ، وعدم إعطائه الحرية والجرأة في التعبير ، وعدم التعود على الحديث أمام الآخرين . أيضاً الطفل الخجول أكثر عرضة للإصابة بالرهاب من غيره ، وقد وجدت الدراسات أنَّ الخجل ينتشر بدرجات مختلفة بين 25 % من طلاب المرحلة الابتدائية ، ويزيد إلى 50 % من الطلاب في مرحلة المراهقة ؛ وأنَّ الطفل الخجول الذي يتهيب المواقف الاجتماعية والظهور بين أقرانه يكون أكثر استعداداً للإصابة بالرهاب الاجتماعي عندما يكبر .

أيضاً من الأشخاص الذين يمكن أن يصابوا بالرهاب الاجتماعي : الشخصية التجنبية ، ( والتي تتصف بــ :

1 – تجنب الاندماج الاجتماعي ومخالطة الناس خوفاً من الانتقادات وهرباً من الإحراجات المتوقعة ( الارتبارك – الخجل .. ) رغم الرغبة في المخالطة وعدم الاستمتاع بالوحدة .

2 – الانزعاج الشديد والحاسية المفرطة من انتقادات الناس وملحوظاتهم والمبالغة في استقبالها وتفسيرها بأنها تدل على الازدراء والسخرية أو الرفض والكره والبغض ، فتكاد تجرحه نسمات الريح .

3 – التحرز من المهام والأنشطة الاجتماعية التي تتطلب تفاعلاً مع الآخرين ولا سيما تلك الأعمال التي تتطلب شيئاً من المواجهة والحزم والتفاوض .

4 – نقص واضح في مهارات التواصل الاجتماعي ومهارات إثبات الذات ، مع الميل إلى المسالمة وتحاشي الخلافات والمواجهات مع الآخرين خوفاً منهم لا لدافع ديني أو خُلُقي .

5 – التقوقع والانكفاء على الذات  والإحجام عن المبادرة وعن إظهار الإمكانات والقدرات أو الدخول في منافسات .

6 – المبالغة في احتقار الذات ، وتصغير القدرات ، وتدنِّي الطموحات .

من العلل المصاحبة :

1 – المبالغة في الرأفة والعطف .

2 – المبالغة في طلب الكمال والمثالية ) .

ومن المتفق عليه أنَّ الملامح العامة للشخصية التجنبية تشيع كثيراً بين مرضى الرهاب الاجتماعي .

ومن الأسباب أيضاً : الخبرات السلبية والنقد الدائم والصراخ والتوبيخ والاعتداء والضرب والسخرية والرفض ..

  • أعراضه :

يرافق الإصابة بالرهاب الاجتماعي أعراض مختلفة من أعراض نفسية أو جسدية ، قد لا تظهر جميعها في آنٍ واحد ، ويمكن تلخيص هذه الأعراض التي تظهر على الشخص المصاب بالرهاب كالآتي :

أعراض جسمية : من أهم الأعراض الجسدية التي يسببها الرهاب الاجتماعي ما يأتي :

احمرار الوجه .

الشعور بالغثيان .

التعرق الشديد .

ارتجاف الصوت .

صعوبة في التحدث – تلعثم أو تأتأه – .

تسارع في نبضات القلب .

ارتعاش الأطراف  .

أعراض نفسية : إن للرهاب الاجتماعي أعراض نفسية أيضاً عديدة وأشهرها ما يأتي :

القلق من المواقف الاجتماعية .

القلق لأيام أو أسابيع قبل الأحداث الاجتماعية .

تجنُّب حضور المناسبات الاجتماعية .

الخوف من التعرض للإحراج .

القلق من ظهور التوتر والخوف للآخرين .

  • العلاج :

وأما العلاج فهناك علاج دوائي يصرف للمريض مضاد للخوف .

ومنه العلاج السلوكي المعرفي ، وذلك بالتدرج في الحديث والمواجهة ، وتذكر النجاحات والأمور التي ترفع المعنويات والثقة في النفس ، والتركيز على الإيجابيات في جميع حياته ، والتوقُّف عن تذكر الخبرات السلبية لأن كثيرٌ من المرضى يفعل هذا مما يزيد من الخوف لديه !

واعلم أنَّ التَّجنُّب أسوأ شيءٍ تُقدِّمه لنفسك ، حيث يحرمك من التحسن والتقدم .. فلا بد من المواجهة ولكن بالتدرج .

ومن المهم جداً أن نُعوِّد أبنائنا على الحديث أمام الآخرين حتى لا يكونوا عُرضة للرهاب في المستقبل مع البعد عن الأسباب التي ذكرناها .

ومن علاج الرهاب الاجتماعي التفريغ العاطفي ؛ يقول الدكتور : عبد الله السبيعي : ( محاولة إخفاء القلق لا يعني أنه زال ، لذلك لا تكن كالنعامة التي تدس رأسها في التراب وتعتقد أن الناس لا يرونها . بل الأفضل هو أنْ تعترف بالقلق والخوف لنفسك أولاً حتى تتعلَّم كيف تتعامل معه بحزم ، ولأن القلق حالة يمر بها كل الناس فقد طور كثير منا آلية خاصة به للتخفيف منه . لذلك فقد يفيدك الحديث مع الآخرين عن مشاعرك من عدة أوجه . فالتفريغ العاطفي سيخفف عنك من ضغط القلق ، والاستماع لبعض الأفكار والوسائل المفيدة لغيرك قد يضيف إلى رصيدك فنيات جديدة للتخفيف من القلق بطريقتك الخاصة . كثير منا يحرم نفسه من هذه الفرصة بانتهاج السرية والخجل من الاعتراف بالخوف والقلق ) .

 

( 1 ) – المراجع :

  • إن كنت خجولاً فعالج نفسك بنفسك : د ؛ عبد الله السبيعي .
  • العلاج الجمعي للرهاب الاجتماعي : ملك موسى ؛ وفاء مبارك .
  • ما تحت الأقنعة : د ؛ محمد عبد الله الصغير .
  • موقع موضوع .
0 0 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments