يا من تريد الشفاء من الأمراض النفسية ! يا من تريد العلاج النافع ! يا من ضاقت به السبل وأعيته الحيل ! أبشر بكل ما تتمنى إذا طبقت ما أقوله لك .. إن الأدوية وحدها لا تكفي ! إنما هي في الغالب مهدئة .. يقول الدكتور : كيرك ستروساهل ، والدكتورة باتريسيا روبنسون : ( هل العقاقير الطبية هي أفضل علاج ؟ ) ثم توصلا إلى أنه : لا .. بل شكَّكَا في فائدة هذه المضادات .. بل سمَّيا الذين يتعالجون بالأدوية بــ : الزبائن ! ثم قالا : ( هل العلاج بالأدوية أسرع ؟ ) قالا : ( وعمل آخر يستحق التوضيح وهو المدة الزمنية التي يستغرقها العلاج حتى تبدأ النتائج بالظهور . هناك اعتقادٌ شائعٌ بأن الأدوية تعمل بشكلٍ أسرع من برامج العلاج أو المساعدة الذاتية . مع ذلك تُظهر الدراسات بأن برامج العلاج السلوكي والمعرفي ربما تعمل بشكلٍ أسرع من المضادات )
ثم طرحا سؤالاً آخر فقالا : ( ما الدور الذي تلعبه الأدوية ؟ ) قالا : ( يضعنا هذا الأمر أمام سؤالين هامين جداً ، ستطرحهما دون شكٍ إذا كنت تأخذ مضادات .. أو تفكر في أخذها : ما الدور الذي يلعبه الدواء في شفائي ؟ وما الدور الذي تلعبه المفاهيم والاستراتيجيات في هذا الكتاب – بل في هذا الموقع ! – ؟ جوابنا الأول ( منحاز باعتراف الجميع ! ) هو جواب بسيط : حتى لو أنك استفدت من العلاج بالمضادات ، يظلّ من الحكمة أن تمارس الاستراتيجيات التي نعلمك إياها في هذا الكتاب – بل الأصح في هذا الموقع ! – ، يمكنها أنْ تساعدك على الشفاء وعلى تجنب الانتكاسة مرة أخرى مستقبلاً ..
إذا كنت تأخذ مضادات حالياً ، فكِّر بها على هذا النحو : إذا كانت الأدوية فعالةً ، يمكنها أنْ تساعدك على التخفيف من بعض الأعراض ، بما فيها التعب الشديد ، فقدان الحيوية ، عدم القدرة على النوم ، ومشاكلٌ أخرى في التركيز ، وأياً منها ستجعلك عاجزاً عن القيام بتغييرات إيجابية في حياتك . وبهذا المعنى يمكن أنْ تكون الأدوية مفيدةٌ لبعض الأشخاص ، ويمكن أنْ تخفف من بعض الأعراض الشديدة التي تعاني منها وتجعل من الصعب عليك إنجاز أعمالك .
لكن لا يمكن للأدوية أنْ تُجري لك تلك التغييرات الإيجابية – أنت وحدك من يستطيع القيام بها ! – ، ويمكن للاستيراجيات المقترحة هنا أنْ تُقدِّم لك هذه الخدمة كخارطة طريق تبين متى وأين وكيف تقوم بهذه التغييرات في الحياة . نريد أنْ نكون أكثر وضوحاً ، نحن لسنا ضد من يتناول الأدوية المضادة ، بل نريد أنْ تحصل على المعلومات التي تحتاجها لتقييم حسنات ومساوئ استخدام الأدوية . وأحد أهدافنا هو أنْ نساعدك في تكوين وجهة نظرٍ متوازنة عمَّا تقدمة الأدوية لك ، وما عليك فعله لنفسك ) .
فهل بحثت عن العلاج في غير الأدوية .. في ما جعله الله سبباً للشفاء . أخي في الله ! أختي في الله ! إليكم العلاج .
وقال أيضاً : ” تبيَّن أنَّ التوبة تساعد على التخلص من الحمل الثقيل الذي كان يجثم على نفس الإنسان ، فضلاً عن أنها تزيل الخوف ، وتخفف من حدة القلق ، وتذيب الاكتئاب والإحساس بتأنيب الضمير ” .
وقال : ” عندما يقلع الإنسان عن الذنوب يشعر بالاطمئنان وأنَّ ثقلاً ضخماً كان يحمله على كاهله قد أُزيح عنه ، ومن هنا كانت التوبة على هذا النحو تعني الاطمئنان والسكينة النفسية ” .
وقال : ” أعظم علاج نفسي هو التوبة التي تعقب تأنيب الضمير من أدران النفس وآثامها .. ففي حالات القلق النفسي والاكتئاب يلجأ الطبيب النفسي إلى حث مريضه على الاعتراف بأخطائه للأخذ بيده إلى الطريق السَّويّ ، وحلّ ما يعانيه من مشاكل وصراعات داخلية ” .
وقال الدكتور صالح الصنيع أستاذ علم النفس : ” الإيمان أقوى الأساليب وأمضاها في مواجهة جميع المشكلات في هذه الحياة الدنيا ، ومنها المشكلات النفسية ، فكلما قوي إيمان الإنسان وزاد كلما كان أقوى في مقاومة المشكلة النفسية وأبعد أنْ يقع فريسة لها ” .
وقال أيضاً: ” لا شك أنَّ للطاعة أثراً على النفس مشابهاً لجزائها يوم القيامة ، وكذلك المعصية يكون أثرها على النفس في الدنيا أثراً سيئاً والعقاب المؤلم في الآخرة ” .
وقالت الدكتورة الاستشارية النفسية ؛ سُميَّة محمود : ” أثبتت الدراسات النفسية على مستوى العالم كله أنَّ المتدينين والمؤمنين هم أفضل الناس في التغلّب على الخوف والاكتئاب ، والخروج من المرض بسرعة ، وكذلك عدم الانتكاس مرَّة أخرى ” .
فهل من توبة ! هل من محاسبة للنفس ! الحلّ بين يديك .. فاختر لنفسك ما شئت .
يقول لي أحد المرضى النفسيين بعد أنْ استشارني وشكا لي تعبه ، فوجهته وأرشدته وحثثته على التوبة ، يقول لي بعدما قابلته بعد فترة طويلة يقول : بقيت سنة كاملة لم أخرج من البيت قبل أنْ أُقابلك وأستفيد منك ، فجزاك الله خيراً . ورأيته وقد استقام وأعفى لحيته وقصَّر ثوبه .. وقال : نفسيتي الآن منذ أنْ قابلتك قبل سنة مستقرة .
فعلاً الصلاة – ولابُدَّ أنْ تكون مع الجماعة – تحميك بإذن الله قبل وقوع المرض النفسي ، وتعالجه وتدفعه بعد وقوعه ، وفيها راحة نفسية ! ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : ” أرحنا بها يا بلال ” . الصلاة فيها انشراح للصدر ، وأنس وسعادة وعلاج نافع .
ويكفيك قول الله عز وجل : { وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين } ، وقوله سبحانه : { قل هو للذين ءامنوا هدىً وشفاء } ، فهو شفاء من الأمراض النفسية والعضوية وكل شيئ !
كان حكماء اليونان إذا أرادوا معالجة المصاب بالأوهام والقلق والأمراض النفسية ، يجبرونه على العمل في الفلاحة والبساتين ، فما يمر وقت قصير إلا وقد عادت إليه عافيته وطمأنينته .
وإن أصحاب الأعمال اليدوية هم أكثر الناس راحةً وسعادةً ، ومن النادر أن تجد فيهم من يصاب بالأمراض النفسية ..!
يقول الدكتور طارق الحبيب : ” ومع ذلك كله ، فإنَّ المسلم يتميَّز عن الكافر ، وكذلك التَّقي عن الفاجر في أنه يحتسب ما يصيبه عند الله ، ويستعين بحول الله وقوته على مصائب الدنيا ولا يفقد الأمل مثلما يفقده غيره ، مما يخفف من أثر المصائب عليه بعض الشيء ” .
فإذا فعلت ذلك ربما تكون معاناتك العاطفية أقل ألماً ! ولو أن الإنسان احتسب قبل أنْ يتعب لما تعبت نفسيته !
ومنها كما يقول الدكتور أكرم إدريس :
وأخيراً : الأدوية النفسية ؛ وهذه من اختصاص الطبيب النفسي ، وهي وحدها كما قلنا لا تكفي في العلاج والشفاء مالم يُحسِّن المرء علاقته مع الله عز وجل . ولا يُفهم من كلامي أني ضد الأدوية النفسية ! بل هي مهمة وفي بعض الحالات لابد منها .. ولكني ضد إهمال العلاج الروحي الإيماني ! فأنت أيها المريض بحاجة إلى التقرب إلى الله عز وجل مع زيادة في التعبد والتطوع وسترى الشفاء بإذن الله تعالى ، وهذا ما يهمله كثير من الأطباء النفسيين للأسف مع أهميته وفائدته – أعني تحسين العلاقة مع الله تعالى – !!